د. عبد العظيم حنفي*
وضع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب كل ثقله لتمرير مشروع القانون الجميل والكبير، الذي يعتبر حجر الأساس في أجندته الاقتصاديـــة، ويسعــــى عبــــــره إلــــى تمديــــد التخفيضات الضريبية الضخمة لعام 2017 من فترة الرئيس الأولى، بالإضافة إلى الوفاء بوعود الحملة الانتخابية لانتخابات الرئاسة عام 2024، بما في ذلك عدم فرض ضرائب على الإكراميات وأجور العمل الإضافي، وإنفاق مئات المليارات من الدولارات على حملة البيت الأبيض للترحيل الجماعي، وضخ المزيد من الأموال في ميزانية وزارة الدفاع ووكالات أمن الحدود، وإلغاء العديد من مبادرات المناخ والطاقة وبرامج الإعفاء الضريبي، التي أُقرت، خلال إدارة جو بايدن، مع تقليص برامج شبكة الضمان الاجتماعي الحكومية.
وعندما نجح الحزب الجمهوري في تمرير مشروع القانون في مجلس الشيوخ بأغلبية 51 مقابل 49، احتفى البيت الأبيض بذلك، ونشر على موقعه بعض احتفاء المؤيدين: مثل الخطوط الجوية من أجل أمريكا واتحاد الائتمان، الذي ذكر أنه يضم في عضويته 142 مليون عضو، ورئيس اتحاد المزارعين الأمريكيين ومربّي الماشية، والمعهد الأمريكي للحديد والصلب، ورئيس معهد البترول الأمريكي، وجمعية فول الصويا الأمريكية، والجمعية الأمريكية للنقل بالشاحنات، الذي ذكر أنه يُوظّف أكثر من 8.5 مليون أمريكي.
وبعد إقراره في مجلس الشيوخ، انتقل مشروع القانون إلى مجلس النواب لإقراره النهائي، حيث يقف عدد من الجمهوريين في المجلس حائلًا أمام تحقيق ترامب أول انتصار تشريعي كبير في ولايته الثانية، ولكنه استطاع تمرير القانون في المجلس.
يصور المؤيدون مشروع القانون على أنه الأكثر أهمية في تاريخ الولايات المتحدة، وأنه سيعزز رؤية الرئيس ترامب لضمان تفوق أمريكا على منافسيها العالميين، وبقائها رائدة العالم في مجال التكنولوجيا، لأنه يركز على الابتكار، مما سيُمكّن الشركات من الاستثمار في أمريكا، من خلال استعادة الإنفاق الأساسي على البحث والتطوير، وتحفيز النمو الاقتصادي وخلق فرص عمل عالية المهارة، مع تعزيز الشركات الصغيرة، والشركات العائلية، وعمال التصنيع في جميع أنحاء البلاد، ودفع المصنّعين نحو تحقيق أهدافهم المنشودة، تنمية الأعمال، وخلق فرص العمل، ودعم مجتمعات أقوى.
في المقابل، فإن خطة ترامب الضخمة بشأن الضرائب والهجرة، ستدفع الحكومة الفيدرالية إلى إنفاق مئات المليارات من الدولارات الإضافية كفوائد جديدة على الدين الوطني المتزايد، وتوقّع مكتب الميزانية في الكونجرس أن القروض الجديدة، التي سيضطر القانون إلى دفع الحكومة نحوها، ستؤدي إلى إضافة 550 مليار دولار أخرى في مدفوعات الفوائد، وهذا من شأنه أن يرفع الكلفة الإجمالية لـ«مشروع القانون الكبير الجميل»، إلى 3 تريليونات دولار، خلال العقد المقبل، علماً بأن الدين الوطني الأمريكي يتجاوز بالفعل 36.2 تريليون دولار. وأنه حتى بدون التشريع الجديد الباهظ الكلفة، قد يتجاوز الدين 250% من الناتج الاقتصادي السنوي للولايات المتحدة، بحلول عام 2055، إذا ظل الإنفاق السنوي للوكالات والإيرادات الفيدرالية عند معدلاتها التاريخية، وآثار العجز الكبير في الميزانية انقساماً بين الجمهوريين، إذ عارضه الملياردير إيلون ماسك، لأنه يُثقل كاهل البلاد بـ«ديون لا تُطاق».
ولتعويض الكلفة، يدرس الجمهوريون تخفيضات تتجاوز 1.2 تريليون دولار في برنامجي Medicaid وSNAP، بالإضافة إلى تغييرات جذرية في برامج قروض الطلاب، التي أطلقها بايدن، وإلغاء تدريجي للحوافز التي تقدمها الشركات، لتطوير الطاقة الخضراء والمركبات الكهربائية، والتي أُنشئت بموجب قانون بايدن لخفض التضخم لعام 2022.
يعارض الديمقراطيون المشروع بشدة، قائلين إن بنوده الضريبية ستفيد الأثرياء، بشكل غير متناسب على حساب البرامج الاجتماعية، التي يعتمد عليها الأمريكيون من ذوي الدخل المحدود. كما أن مستقبل برنامج (ميديكيد) على المحك، وهو مصدر لتوفير الإنفاق محفوف بالمخاطر السياسية بالنسبة للجمهوريين، وأظهر تحليل لبيانات (ميديكيد) أن أكثر من 35 مليون أمريكي في الولايات، التي فاز بها ترامب في انتخابات 2024، يستفيدون من برنامج التأمين الصحي، ويغطي البرنامج، الذي تموله الحكومة الاتحادية وحكومات الولايات بشكل مشترك، واحداً من كل خمسة أمريكيين. ووفقاً للجنة الموازنة في الكونجرس غير الحزبية، كلّف البرنامج الحكومة الاتحادية 618 مليار دولار العام الماضي، مما يجعله ثالث أكبر بنود الميزانية بعد برنامج «ميديكير» لكبار السن الأمريكيين وبرنامج الضمان الاجتماعي للتقاعد.، مما اقتضى من مجلس النواب القيام ببعض التعديلات على مشروع القانون، وشملت هذه التعديلات إنشاء صندوق بقيمة 25 مليار دولار، لدعم المستشفيات الريفية المتوقع أن تتضرر بشدة من التخفيضات في برنامج «ميديكيد» للرعاية الصحية، والتي يفرضها المشروع.
يُقوّض مشروع القانون قدرة الولايات المتحدة على الصمود في مواجهة الظروف الجويــــة القاسيــــة، بقيامـــه بإلغاء وتقييد الإعفاءات الضريبية لإنتاج الكهرباء النظيفة والاستثمار فيها، فهو يُقوّض تطوير وتمويل الطاقة المتجددة، عبر تراجعه عن حوافز الطاقة النظيفة، وإنهاء الإعفاءات الضريبية لأنظمة الطاقة الشمسية على الأسطح، مما يمثل تهديداً لقدرة الولايات المتحدة التنافسية، في ظلّ ارتفاع الطلب الأمريكي على الطاقة.
* كاتب مصري وأستاذ في العلوم السياسية والاقتصادية
ملحوظة: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة صحيفة الخليج ولا يعبر عن وجهة نظر مصر اليوم وانما تم نقله بمحتواه كما هو من صحيفة الخليج ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة علي المصدر السابق ذكرة.
0 تعليق