عاجل

“دق الحنطة”.. طقس سوري ينسج التراث والتكافل - بوابة فكرة وي

0 تعليق ارسل طباعة

نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
“دق الحنطة”.. طقس سوري ينسج التراث والتكافل - بوابة فكرة وي, اليوم الأحد 6 يوليو 2025 05:52 مساءً

دمشق-سانا

في قلب الريف السوري، تتجلى طقوس “دق الحنطة” كتقليد زراعي أصيل، حافظ على حضوره الحي في التراث الشعبي عبر العصور، ولا يزال رمزاً للهوية الثقافية، وجسراً يربط الماضي بالحاضر، وفرصة ثمينة لتجديد التكافل والروابط الاجتماعية في زمن تهدد فيه الحياة العصرية باندثار مثل هذه الطقوس الجميلة.

التكافل الاجتماعي

يُعد “دق الحنطة” طقساً سنوياً متجذراً في الممارسات الزراعية التقليدية، وجزءاً من التراث الشعبي، حيث يُقام عادةً في شهر حزيران بعد حصاد القمح، ويجتمع الأهل والجيران للمشاركة في العمل والإعداد، ما يعكس أسمى قيم التكافل الاجتماعي والفرح المشترك، كما أكدت فضة شحود “أم مدين” خلال حديثها لـ سانا.

أغان شعبية تروي الحكاية

وتضيف أم مدين: إن الأغاني الشعبية والأهازيج والعتابا لا تفارق أجواء “دق الحنطة”، لتتحول العملية إلى تراث حي يُنقل بين الأجيال، وبين حنين المطارق وصدى الأغاني، تتردد الكلمات التي تعبر عن عمق الارتباط بالأرض، ومنها: “رجعنا يا أراضينا وعدنا، إجينا للقمح نوفي وعدنا، حسبنا يا هوا بلادي وعدنا، تجد فينا المحبة للتراب”.

أكلات تراثية بنكهة الأصالة

وتوضح أم مدين، من قرية دير ماما بريف حماة الغربي أن “دق الحنطة” هو الطريقة التقليدية لفصل قشر القمح عن لبه، مما يسهل عملية استوائه وطهيه لاحقاً، حيث يستخدم القمح المقشور في إعداد أكلات تراثية مثل “المتبلة” و”هريسة القمح باللحم”، التي تشتهر بها أرياف حمص وحماة واللاذقية وطرطوس.

الأدوات المستخدمة

تتم عملية “دق الحنطة” باستخدام “الجرن”، وهي أداة حجرية محفورة يوضع داخلها القمح، مزودة بمدقة مصنوعة إما من الحجر (الهاون الحجري) أو الخشب (الميجنة)، لسحق حبات الحنطة بلطف وفصل القشر عن اللب، إذ يتسع الجرن عادةً لما بين 5 و10 كيلوغرامات من القمح.

آلية التحضير

وعن آلية التحضير، تشرح أم مدين أن العملية تبدأ بإبعاد حبات القمح من الشوائب، ثم تُنقع في الماء لمدة تتراوح بين 5 و10 دقائق لتصبح طرية لا تكسر أثناء الدق، بعد ذلك تغسل وتصفى وتوضع في الجرن لتدق بالمدقة، وفي الختام تنقى الحبوب المقشورة من أي قشور أو شوائب متبقية.

مصدر رزق للأسر الريفية

من جانبه، يوضح محمد عباس، مؤسس فرقة دير ماما التراثية أن “دق الحنطة” يمثل مصدراً مهماً للرزق للعديد من الأسر الريفية، وخاصة أن سكان المدن يفضلون شراء القمح المقشور يدوياً على ذلك المقشور بالآلات، ما يبرز الدور الحيوي للزراعة التقليدية في الحفاظ على الاستقرار الاقتصادي والاجتماعي للمجتمع الريفي.

“الحبة والمحبة” روح التراث

ويختتم عباس حديثه بوصف جميل لهذا التراث الريفي، حيث تتداخل قيم العمل والوفاء مع حب الأرض، واصفاً إياه بـ “الحبة والمحبة”، فالحبة الصغيرة التي تُزرع في التربة ليست مجرد بذرة، بل هي رمز للعراقة والصبر، والتراث في جوهره ليس مجرد ذكريات، بل هو حب يُزرع كل يوم، ومودة تُورث كالأرض.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق