نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
ماذا بعد؟ خبراء يحذرون من انهيار بيئي وشيك في تعز بسبب سوء إدارة المياه - بوابة فكرة وي, اليوم السبت 5 يوليو 2025 12:48 صباحاً
كشفت صورة حصلت عليها وسائل إعلام محلية من داخل محافظة تعز، الخاضعة لسيطرة الحكومة المعترف بها دولياً، عن كارثة إنسانية وبيئية غير مسبوقة في تاريخ اليمن، تهدد حياة ملايين السكان بشكل مباشر.
وتظهر الصورة طوابير طويلة من المواطنين ينتظرون ساعات لشراء قارورة ماء صغيرة من أحد المحال التجارية، في دلالة صارخة على الانهيار الكامل لمنظومة المياه في المدينة.
وتشير التقارير الميدانية إلى أن المواطنين يضطرون لقضاء ساعات طويلة أمام محال البقالة والأسواق الموازية لشراء الماء بأي ثمن، بعد أن أصبح الحصول عليه تحديًا يوميًا يهدد استقرار الأسر وصحتها، خاصة مع ارتفاع درجات الحرارة وتفاقم الظروف المعيشية.
في تصريحات سابقة، حذر الدكتور أمين نعمان، أستاذ الجيوفيزياء في جامعة تعز، من خطورة الوضع المائي في اليمن عمومًا، ومحافظة تعز خصوصًا، معتبرًا أن الأزمة الحالية هي نتيجة لعوامل مركبة تشمل ندرة الموارد المائية وضعف إدارة ما هو متاح منها، بالإضافة إلى الطبيعة الجغرافية الجافة أو شبه الجافة لليمن، والارتفاع المستمر في معدلات النمو السكاني التي تزيد الضغط على موارد محدودة أصلاً.
غياب الرقابة وفوضى الآبار تفاقم الكارثة
وأوضح الدكتور نعمان أن تعدد الجهات الحكومية المعنية بإدارة ملف المياه، وتداخل الاختصاصات بينها، ساهم بشكل كبير في تفاقم الأزمة، مشيرًا إلى أن اليمن لا يمتلك موارد مائية سطحية تذكر مثل الأنهار أو البحيرات، مما يجعل الاعتماد كاملاً على المياه الجوفية، والتي باتت الآن على حافة النضوب.
وأكد نعمان أن مدينة تعز تعاني من استنزاف خطير للمخزون المائي الجوفي، حيث يتم ضخ المياه من الآبار بمعدل يصل إلى 22 ساعة يوميًا، وهو معدل غير طبيعي وغير مسموح به، خصوصًا أن أغلب هذه الآبار مرخصة لأغراض زراعية أو شخصية، وليس للاستخدام التجاري أو المنزلي.
وأشار إلى أن نحو 99% من الآبار الزراعية في تعز تُستخدم بشكل تجاري لبيع المياه، في مخالفة واضحة للقانون وللمعايير البيئية، وهو ما يسهم في تسريع نضوب هذا المصدر الحيوي، داعيًا إلى اتخاذ إجراءات عاجلة لإغلاق هذه الآبار أو تقنين استخدامها قبل فوات الأوان.
إجهاد مائي بمستوى كارثي
وأضاف نعمان أن معدل الإجهاد المائي في تعز بلغ نسبة 300%، أي أن المدينة تستهلك ثلاثة أضعاف كمية المياه التي تُعاد تغذيتها طبيعياً إلى الأحواض المائية، في مؤشر خطير يدل على وجود انهيار بيئي وشيك، واصفًا الوضع الحالي بأنه "كارثي بكل المقاييس".
ودعا الخبير الجيولوجي إلى ضرورة وضع حلول عملية وسريعة لوقف الانهيار، مؤكدًا أن الوقت لم يعد يسمح بالانتظار أو التسويف، وأبرز الحلول التي يمكن اللجوء إليها:
- تحقيق موازنة مائية عبر الحد من السحب العشوائي للمياه الجوفية.
- استغلال مياه السيول من خلال تنفيذ مشاريع حصاد المياه وبناء الحواجز المائية.
- إعادة تأهيل المدرجات الزراعية والمراعي الطبيعية لتحسين قدرة الأرض على امتصاص المياه.
- تعزيز عمليات التغذية الطبيعية والصناعية للمياه الجوفية.
- معالجة مياه الصرف الصحي واستخدامها في الزراعة لتخفيف الضغط على المياه العذبة.
- النظر في خيار تحلية مياه البحر كحل استراتيجي طويل الأمد لتزويد المحافظة بمصدر مستقر للمياه.
نداء إنقاذ عاجل
واختتم الدكتور نعمان حديثه بالتأكيد على ضرورة تفعيل دور الجهات المختصة مثل هيئة الموارد المائية وهيئة مياه الريف، ودعمها بالكوادر والتمويل اللازمين، لضبط الوضع المائي وإنقاذ المحافظة من الانهيار البيئي والخدمي الذي قد يمتد آثاره السلبية إلى باقي المناطق المجاورة.
ويأتي هذا التحذير في ظل غياب واضح للتحرك الجاد من قبل السلطات المحلية والدولية لإنقاذ الوضع، بينما تستمر المعاناة اليومية للمواطنين، الذين باتوا يدفعون الثمن الأكبر من هذه الأزمة الإنسانية المتفاقمة.
0 تعليق