نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
وما أدراك ما وزارة العدل؟ - بوابة فكرة وي, اليوم الجمعة 4 يوليو 2025 12:40 صباحاً
حين باغتت جائحة كورونا العالم، تعطّلت العدالة في كثير من الدول. الجلسات أُجّلت، والحقوق تعثّرت، وثقة الناس بالقضاء تراجعت. أما في مملكة الحزم فقد سارت الأمور في اتجاه مختلف تمامًا. لم تتأثر جلسات التقاضي، ولم تتوقف الدعاوى، بل وُلد نموذج جديد لما يمكن أن تكون عليه العدالة في عصر الأزمات. والسبب؟ أن الوزارة لم تبدأ التحوّل أثناء الجائحة، بل كانت قد شرعت قبلها بسنوات في بناء بنية تحتية رقمية وتنظيمية متكاملة، جعلت التعامل مع الأزمة جزءًا من مسار مستمر، لا رد فعل مؤقتًا.
منصة «ناجز» بداية من ناجز أفراد وانتهاءً بمنتج ناجز مطورين، التي انطلقت كمشروع تقني تحوّلت اليوم إلى عمود فقري للعدالة الرقمية. المواطن العادي، المحامي، المؤسسة التجارية، والمطور التقني؛ جميعهم باتوا يجدون موضع قدم في هذه المنظومة الذكية. لم يعد الوصول إلى الخدمة العدلية مرهوناً بالموقع الجغرافي، ولا بمزاج الموظف، بل أصبح تجربة مبنية على الكفاءة، والمساواة، والسرعة.
لكن التطور الحقيقي لم يكن في الشكل، بل في المضمون. فالنقلة الرقمية رافقها اهتمام جاد بجودة الأحكام، ومعنى التكييف الموضوعي، وضبط المسار الإجرائي. لم تكتفِ الوزارة برقمنة القضاء، بل انتقلت إلى حوكمة القضاء، ليس فقط عبر بناء الأنظمة، بل من خلال تأسيس كيانات داخلية تُعنى بمراقبة جودة العمليات القضائية في جميع مراحل النظر القضائي. ويأتي على رأس هذه المبادرات إدارة الجودة القضائية التي دُشنت مؤخراً، لتُعنى بقياس الالتزام بمعايير الجودة، ورصد المؤشرات، ووضع الخطط التحسينية المستندة إلى تحليل الفجوات والممارسات الفضلى، على أن يكون محور ذلك كله: جودة الحكم القضائي نفسه، لا فقط الإجراءات المحيطة به.
إن مراجعة الأحكام، وقياس الزمن القضائي، وتعزيز كفاءة القضاة، وتوحيد المبادئ العدلية، لم تعد مهمات إدارية، بل تحوّلت إلى مشاريع مؤسسية دائمة، تضمن أن يتطور القضاء من الداخل، ويستمر في ترسيخ المعايير الوطنية للعدالة الرصينة.
وفي المقابل، لم تُغفل الوزارة أهمية بناء علاقة ذكية مع المستفيد. فالرقم الموحد «1950» لم يكن مجرد خط ساخن، بل نافذة تفاعلية محترفة تُجيب بلغة قانونية دقيقة وسريعة، تُحترم فيها لغة المواطن، ويُراعى فيها حقه في الفهم والوصول والمساءلة. وهذا في ذاته تحوُّل ثقافي قبل أن يكون تقنياً.
لا شك أن من السهل على الكاتب أن ينتقد، وأن يختار زاوية الخلل ويضخمها بمجهر الانتقاد لا النقد. لكن من الأمانة المهنية، والوطنية، أن نشير إلى النماذج التي تستحق الإشادة. ووزارة العدل، بكل ما أنجزته، تُعد مثالاً جديراً بالاحتفاء؛ لا لأنها وصلت إلى الكمال، بل لأنها تسير في الطريق الصحيح بثبات، وتُنجز دون ضجيج، وتُبهر دون أن تطلب التصفيق.
من الوزير إلى الموظف البسيط، من المصمم التقني إلى من يُعين القضاة على تطوير أدواتهم، كل من يعمل في هذه المنظومة يشارك اليوم في صناعة مستقبل عدلي مشرف، يليق بدولة تتغير، وبوطن ينهض، وبرؤية تعرف أن العدالة ليست سلطة فقط، بل خدمة راقية، ومسؤولية أخلاقية، وتجربة حضارية.
وهنا، في المملكة العربية السعودية، لا يُنظر إلى القضاء كقطاع خدمي فحسب، بل كأحد أعمدة الشرعية المستمدة من الشريعة الإسلامية، وضمانة الاستقرار والطمأنينة والحق. ولهذا كانت العناية بالعدالة منهجاً لا مظهراً، مساراً ثابتاً في فكر الدولة لا استجابة عابرة. فحين يُصان القضاء، تصحّ بقية المؤسسات.
أخبار ذات صلة
0 تعليق